loading

آية

﴿ أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ ﴾

تفسير

القول في تأويل قوله تعالى : أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧) قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " أولئك "، هؤلاء الصابرون، الذين وصفهم ونَعتهم -" عليهم ", يعني: لَهم،" صلوات "، يعني: مغفرة." وصلوات الله " على عباده، غُفرانه لعباده, كالذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ٢٣٢٨-" اللهم صَلِّ على آل أبي أوْفى ". (١٢) * * * يعني: اغفر لَهم. وقد بينا " الصلاة " وما أصلها في غير هذا الموضع. (١٣) وقوله: " ورحمة "، يعني: ولهُم مع المغفرة، التي بها صَفح عن ذنوبهم وتغمَّدها، رحمة من الله ورأفة. ثم أخبر تعالى ذكره -مع الذي ذكر أنه مُعطيهم على اصطبارهم على محنه، تسليمًا منهم لقضائه، من المغفرة والرحمة- أنهم هم المهتدون، المصيبون طريق الحقّ، والقائلون مَا يُرْضى عنهم والفاعلون ما استوجبوا به من الله الجزيل من الثواب. وقد بينا معنى " الاهتداء "، فيما مضى، فإنه بمعنى الرشد للصواب. (١٤) * * * وبمعنى ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ٢٣٢٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله: " الذين إذا أصابتهم مُصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه رَاجعون أولئكَ عليهم صَلوات من ربهم وَرحمة وأولئك هم المهتدون " قال، أخبر الله أنّ المؤمن إذا سَلّم الأمرَ إلى الله، ورَجع واسترْجع عند المصيبة, كتب له ثلاث خصال من الخير: الصلاةُ من الله, والرحمة, وتحقيق سَبيل الهدى. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن استرْجع عند المصيبة، جبر الله مُصيبته, وأحسن عُقباه, وَجعل له خَلفًا صالحًا يرضاه. (١٥) ٢٣٣٠- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: " أولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمة "، يقول: الصلوات والرحمة على الذين صبروا واسترجعوا. ٢٣٣١- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع, عن سفيان العُصفُريّ, عن سعيد بن جبير قال: مَا أعطِيَ أحدٌ ما أعطيت هذه الأمة: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ، ولو أعطيها أحدٌ لأعطيها يعقوب عليه السلام, ألم تسمعْ إلى قوله: يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ [سورة يوسف: ٨٤]. (١٦) ----------------------- الهوامش : (١٢) الحديث : ٢٣٢٨- هو جزء من حديث صحيح . رواه البخاري ٣ : ٢٨٦ (من الفتح) . ومسلم ١ : ٢٩٧- كلاهما من طريق شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال ، "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل عليهم ، فأتاه أبي أبو أوفى بصدقته ، فقال : اللهم صل على آل أبي أوفى" . قال الحافظ : "يريد أبا أوفى نفسه ، لأن الآل يطلق على ذات الشيء . . . وقيل لا يقال ذلك إلا في حق الرجل الجليل القدر" . وهذه فائدة نفيسة ، من الحافظ ابن حجر ، رحمه الله . (١٣) انظر ما سلف ١ : ٢٤٢ / ثم ٢ : ٥٠٥ / ثم ٢ : ٣٧ ، ٢١٣ ، ٢١٤ . (١٤) انظر ما سلف ١ : ١٦٦-١٧٠ ، ٢٣٠ ، ٢٤٩ ، ٥٤٩-٥٥١ / ثم ٢ : ٢١١/ ثم هذا الجزء ٣ : ١٠١ ، ١٤٠ ، ١٤١ . (١٥) الحديث : ٢٣٢٩- ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٢ : ٣٣٠-٣٣١ ، وقال : "رواه الطبراني في الكبير ، وفيه علي بن أبي طلحة ، وهو ضعيف" . وذكره السيوطي في الدر المنثور ١ : ١٥٦ ، وزاد نسبته لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في شعب الإيمان . وعلي بن أبي طلحة : سبق في : ١٨٣٣ أنه ثقة ، وأن علة هذا الإسناد -وهو كثير الدوران في تفسير الطبري- : انقطاعه ، لأن ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس ، ولم يره . (١٦) الخبر : ٢٣٣١- سفيان العصفري : هو سفيان بن زياد العصفري ، وهو ثقة ، وثقه ابن معين ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة . مترجم في التهذيب ٤ : ١١١ ، برقم : ١٩٨ . وابن أبي حاتم ٢/١/٢٢١ ، برقم : ٩٦٦ . والكبير للبخاري ٢/٢/٩٣ ، برقم : ٢٠٧٦ ، لكن لم يذكر نسبته"العصفري" . وهو يشتبه على كثير من العلماء بآخر ، هو"سفيان بن دينار ، أبو الورقاء الأحمري" . فقد ترجمه ابن أبي حاتم ٢/١/٢٢٠-٢٢١ ، برقم : ٦٩٥ ، وثبت في بعض نسخه زيادة"العصفري" في نسبته . والبخاري ترجم"الأحمري" ٢/٢/٩٢ ، برقم : ٢٠٧٣ . ولم يذكر فيه"العصفري" أيضًا . وترجم في التهذيب ٤ : ١٠٩ ، برقم : ١٩٣- مع شيء من التخليط في الترجمتين ، يظهر بالتأمل . ومع هذا التخليط فقد رجح الحافظ أنهما اثنان ، وقال في ترجمة"سفيان بن دينار"- : "والتحقيق فيه : أن سفيان بن دينار التمار هذا ، يقال له : العصفري ، أيضًا ، وأن سفيان بن زياد العصفري : آخر ، بينه الباحي" . وقال في ترجمة الآخر : "والصحيح أنهما اثنان ، كما قال ابن معين وغيره" . وأيا ما كان فالاثنان قتان .

جميع الحقوق محفوظة كنز الإسلام ©2024